قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ

"يا عليّ، أنت وصيّي وإمام أمّتي، من أطاعك أطاعني، ومن عصاك عصاني".

السؤال: ما هو مصدر الحديث المعروف (أفضل الأعمال أحمزها)؟


بسم الله الرحمن الرحيم

هذا الحديث بهذا المتن أو ما يقاربه مما شاع الاستدلال به في كتب الفقهاء والأصوليين والمتكلمين، وسوف نبيّن -إن شاء الله- حال هذا الحديث في ضمن مقامات ثلاثة، فنبحث أوّلاً عن مواطن الاستفادة من هذا الحديث في كتب الأعلام، وثانياً عن مصدر الحديث بهذا اللفظ وما قاربه، وثالثاً عمّا يمكن أن يدعّى كونه بمعناه وإن لم يكن بلفظه، فيعوّض به عنه، ونختم الكلام بالتنبيه على أمر مفيد في المقام وغيره.

المقام الأوّل: مواطن الاستفادة من هذا الحديث

كنّا قد أشرنا إلى أنّ الفقهاء قد استفادوا من هذا الحديث في جملة من العلوم:

1- أمّا في الفقه: فقد استفيد منه في جملة من المواضع التي يراد بها إثبات أفضليّة العمل ذي المشقّة الأكبر، وقد ذكر هذا الطرز من الاستدلال في كلمات الشيخ أبي جعفر الطوسيO (ت460هـ) من دون أن يصرّح بكون مستنده الرواية، فقال: (يجوز الوقوف بعرفة راكباً وقائماً سواء، وهو أحد قولي الشافعي ذكره في الإملاء. وقال في القديم: الركوب أفضل. دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا تفضيل الركوب يحتاج إلى دلالة. وأيضاً القيام أشقُّ من الركوب، فينبغي أن يكون أفضل)[1]، وقد ذكره العلامة الحليO (ت726هـ) في نفس هذا الفرع مع التنصيص على الرواية كما في التذكرة، حيث قال: (الأفضل القيام؛ لأنّه أشقّ، فيكون أفضل، لقولهg: أفضل الأعمال أحمزها)[2]، ومثله ما جاء في المختلف[3]، وقد ذكر نظيره عند الحديث عن أفضلية الرمي راكباً[4]، وأشار إليه في المنتهى عند بيان استحباب المشي مع الجنائز، ونصّ عبارته: (ولأنّها طاعة وعبادة، والمشي فيها أشقّ، فيكون أكثر ثواباً، لقولهg: أفضل الأعمال أحمزها)[5]، واستشهد به الشهيد الثانيO (ت966هـ) في الروضة عند الحديث عن أصل أفضلية المشي إلى الحج من الركوب[6]، وأشار إليه الفاضل المقدادO (ت826هـ) عند قصده لتعيين الصلاة الوسطى بصلاة الظهر بدعوى أنّها أكثر مشقّة من سائر الصلوات[7].

ونلفت النظر إلى شيوع التعرّض لهذا الحديث عن إرادة الجمع بينه وما ورد من أنّ نيّة المؤمن خير من عمله، فقال الشهيد الأوّلO (ت786هـ): (ولا ريب‏ أنّ العمل أحمز من النيّة، فكيف يكون مفضولاً؟!)[8].

2- وأمّا في أصول الفقه: فقد أشار إليه المحقّق الحليO (ت676هـ) عند الحديث عن مسألة ما لو اختلفت الأمّة على قولين فهل يجب الأخذ بالأثقل[9]، قال ضمنه: (احتجّ القائلون بالأثقل بوجهين: أحدهما: أنّ العمل بالأثقل أحوط، فيجب الأخذ به. الثاني: أنّ العمل بالأثقل أفضل، فيجب العمل به. أمّا أنّه أفضل؛ فلقولهe: «أفضل العبادات‏ أحمزها». وأمّا أنّه إذا كان أفضل وجب العمل به؛ فلأنّ الأفضل خير، فيجب الاستباق إليه).

وأيضاً ذكره العلامة الحليO (ت726هـ) في معرض الحديث عن أنّ رسول اللهe لم يكن متعبّداً بالاجتهاد[10]، وذلك عند التعرّض لِمَا احتجّ به المثبتون للاجتهاد -وعادةً ما يكون نظره إلى المحصول للرازي (ت606هـ) - حيث قال: (الثالث: العمل بالاجتهاد أشقّ من العمل بالنصّ فيكون أكثر ثواباً، لقولهe: «أفضل الأعمال‏ أحمزها» أي أشقّها، فلو لم يعمل‏ الرسولe بالاجتهاد مع أنّ الأمّة عملت به كانت الأمّة أفضل منه. وهو باطل إجماعاً)[11].

هذا، وقد شاع في كتب الأصول من بعد الكفاية[12] الاستفادة من هذا الحديث عند الحديث عن استحقاق الثواب على المقدّمات، حيث يذكر أنّ مقتضى القواعد الأصوليّة عدم استحقاق الثواب على المقدّمات، مع أنّه قد ورد في الأخبار وجود ثواب على جملةٍ من المقدّمات، فيبرّر ذلك على أساس زيادة المثوبة على العلم فيما لو أتى بالمقدّمات بما هي مقدّمات له من باب أنّه يصير حينئذٍ من أفضل الأعمال حيث‏ صار أشقّها.

3- وأمّا في علم الكلام: فيستشهد به عند الحديث عن أفضلية الأنبياء على الملائكة كما في كلمات العلامة الحليO (ت726هـ) حيث قال في معرض استدلاله على ذلك: (ولاشتغالهم بالعبادة مع جواذب الشّهوة والغضب والموانع الخارجيّة، فتكون عبادتهم أشقّ، وقالg: أفضل الأعمال‏ أحمزها)[13]، وهذا الاستدلال مذكور في كلمات الرازي (ت606هـ)[14]، والمحقق الحليO (ت676هـ)[15] لكن جعل متن الحديث: (أفضل العبادات أحمزها).

هذا، وقد تجد من يستشهد بهذا الحديث عند بيان عدم إضرار اختلاف الاستعدادات بعدله تعالى[16]، وتوضيحه: أنّ التفاوت هذا إنّما يستلزم عدم العدالة فيما إذا لم تلاحظ تلك الخصوصيّة الذاتيّة أو العرضيّة في ميزان الأعمال وترتّب الثواب والعقاب مع أنّه لا ريب في دخلها في ميزان الأعمال، فيكون أفضل الأعمال أحمزها، وتلاحظ النسبة الموجودة بين الاستعداد والعمل، فمن كان له استعداد أكثر وفرض أفضل للطاعة والعمل الصالح يطلب منه عمل أوفر وحصيلة أكثر، ومن كان بعكس ذلك ولديه استعداد أشدّ للمعصية ينتظر منه عمل أقلّ وحصيلة أخفّ.

المقام الثاني: في بيان مصدر هذا الحديث

لم يرد هذا الحديث في كتاب من كتبنا الأصلية[17]، لكن جاء في البحار توصيف العلامة المجلسيO (ت1111هـ) للحديث بقوله: (الخبر المشهور بين الخاصّة والعامّة)[18]. والشهرة المذكورة لا يُراد منها الشهرة الروائية حيث تكثر الأسانيد، بل شهرة الذكر أو الاستناد في كتب الفقه والأصول والكلام، وإلّا فلا يوجد لهذا الحديث سند واحد في كتبنا فضلاً عن أن تدّعى الشهرة الروائية.

ومما يشهد على ما ذكرنا وأنّه لا يقصد من الشهرة الشهرة الروائية، بل شهرة ذكر في كتب الفقه والأصول والكلام مضافاً إلى ما عرفت من الواقع الخارجي، أنّ نفس العلامة المجلسيO قد شكّك في صدور الحديث في بعض كلماته، فقال عند الحديث عن المفاضلة بين الصلاة والحج، مع ما قد يدّعى من أنّ مقتضى الرواية جعل الحج أفضل: (وأمّا حديث أفضل الأعمال‏ أحمزها -على تقدير تسليم صحته- المراد به أنّ أفضل كلّ نوع من العمل أحمز ذلك النوع كالوضوء في البرد وفي الحر، والحج ماشياً وراكباً، والصوم في الصيف والشتاء وأشباهها)[19]، وقد ذكر هذا المعنى والده في روضة المتقين، وموضع الشاهد قوله: (وما روي عن النبيe: أنّ أفضل الأعمال‏ أحمزها لو صحَّت...) [20].

وأمّا في كتب العامّة، فالموجود في كشف الخفاء ما نصّه: (أفضل العبادات  -وفي رواية بالإفراد- أحمزها، قال في الدرر تبعاً للزركشي: لا يُعرف، وقال ابن القيم في شرح المنازل: لا أصل له، وقال المزي: هو من غرائب الأحاديث، ولم يروَ في شيء من الكتب الستة. وقال القاري في الموضوعات الكبرى: معناه صحيح لما في الصحيحين عن عائشة الأجر على قدر التعب. انتهى، وذكر في اللآلئ عقبه: أنّ مسلماً روى في صحيحه قول عائشة: إنّما أجرك على قدر نصبك. وهو في نهاية ابن الأثير مروي عن ابن عباس بلفظ: >سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الأعمال أفضل؟ قال: أحمزها<، وهو -بالحاء المهملة والزاي- أقواها وأشدّها)[21].

وكيف كان، فهذا الحديث بهذا المتن لا أثر له في كتبنا، وأصله مأخوذ من كتب العامّة.

المقام الثالث: في بيان ما يؤيد هذا الحديث من حيث المعنى

قد عرفت أنّ بعض العامّة استشهد على صحة الحديث بما روي في صحيح مسلم، وبغض النظر عن المتن الموجود هناك وإن كان صالحاً لتأييد هذا المعنى أم لا، خصوصاً مع ما ورد فيه مما هو ظاهره الترديد بين قولهe: (على قدر نصبك أو قال: نفقتك)[22]، فإنّ المقصود إثباته من هذا الحديث دعوى أنّ أكثر الأعمال ثواباً أكثرها مشقّة، وهذا على إطلاقه غير قابل للإثبات، بل الثابت العكس لا سيّما إذا أردنا المقايسة بين الأعمال الصادرة بين زيد وعمرو مع تفاضلهم في العلم مثلاً، كالذي روي من أنّ نوم العالم أفضل من سهر الجاهل[23]، ومن هنا قد تجد تقييدات للعلماء سواء بدعوى الاشتراك في نوع العمل، أو كونهما صادرين من شخص واحد وما شاكل ذلك...

والذي نراه الأولى في المقام ترك هذا الحديث بالكلية وعدم الخوض في تأويله وتوجيهه بدعوى وقوع المعارضة بينه وبين غيره من الأحاديث، ولزوم صرف النظر إلى ما أثبت في الكتب المعتبرة المعروفة بين الطائفة[24]، وعمدتها -بحسب ما رأيناه- مما يناسب المقام ثلاثة:

الحديث الأوّل: ما ورد في جملة من الأخبار المستفيضة من أنّ أمير المؤمنينg ما ورد عليه أمران قطّ كلاهما لله رضا إلّا أخذ بأشدّهما على بدنه[25]، ولا بأس بأن ننقل هنا نصّ الصدوقO في الأمالي، حيث روى بسند معتبر عن محمد بن قيس البجلي الثقة، عن أبي جعفرg قال: (والله، إنْ كان عليّg ليأكل أكل العبد، ويجلس جلسة العبد، وإن كان ليشتري القميصين السنبلانيين فيخيّر غلامه خيرهما، ثم يلبس الآخر، فإذا جاز أصابعه قطعه، وإذا جاز كعبه حذفه، ولقد ولي خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا أقطع قطيعاً، ولا أورث بيضاء ولا حمراء، وإن كان ليطعم الناس البر واللحم، وينصرف إلى منزله ويأكل خبز الشعير والزيت والخل. وما ورد عليه أمران كلاهما لله رضى إلّا أخذ بأشدّهما على‏ بدنه،‏ ولقد أعتق ألف مملوك من كدّ يده تربت فيه يداه وعرق فيه وجهه، وما أطاق عمله أحد من الناس، وإن كان ليصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وإن كان أقرب الناس شبهاً به عليّ بن الحسينg، وما أطاق عمله أحد من الناس بعده‏)[26].

وموضوع هذا الحديث غاية واحدة لازمة أو غايتان يمكن الاستغناء عنهما حتى تتم المقايسة، ولا يعلم أن تفضيله كان لكونه أكثر ثواباً، بل لعلّه شيء مرتبط بما يأتي من جهاد النفس.

الحديث الثاني: ما جاء في نهج البلاغة من قول أمير المؤمنينg: (وقالg:‏ أفضل‏ الأعمال‏ ما أكرهتَ‏ نفسك عليه)[27].

وهذا الحديث لا ربط له بكون الأكثر ثواباً ما كان أكثر مشقّة، بل مرتبط بمخالفة هوى النفس وجهادها، ولذا قيل في بيانه: (المعنى: قد فرض الله على عباده فرائض وندبهم إلى السنن وكلّفهم ما يطيقون لرياضة نفوسهم وكسر شهواتهم، فكل عمل يخالف ميل النفس وهواها يكون أنفع في تزكية الانسان وتقربه إلى الله وتخلصه من علائق الطبيعة وملاذ الدنيا، فيكون‏ أفضل‏ وأكثر أجراً، فإنّ إكراه النفس على الأمر يكون لشدّته، فكلّما كان أشدّ كان أقوى في رياضتها وأنفع في تطويعها وكسرها، وبحسب ذلك يكون أكثر نفعا وأفضل أثرا وأجراً)[28].

الحديث الثالث: خبر عمار الساباطي وقد جاء فيه: (قلت لأبي عبد اللهg: أيّما أفضل العبادة في السر مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل أو العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الإمام منكم الظاهر، فقال: يا عمار، الصدقة في السرّ -والله- أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك -والله- عبادتكم في السرّ مع إمامكم‏ المستتر في دولة الباطل، وتخوّفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة، أفضل ممن يعبد الله -عز وجل ذكره- في ظهور الحقّ مع إمام الحقّ الظاهر في دولة الحقّ، وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والأمن في دولة الحقّ)‏[29].

وهذا الحديث أبعدها دلالة؛ فإنّ النظر في هذا الحديث بعد ملاحظة المقايسة بينه وبين صدقة السرّ ليس إلّا وضوح الإخلاص في طاعة الله تعالى في صورة الخوف في دولة الباطل، وإلّا فمن غير الواضح كون صدقّة السرّ أكثر مشقّة من صدقة العلانية بل هي أبعد عن الرياء، ولذا قرنت صدقة السرّ مع بيان أفضليتها بالعبادة سرّاً كذلك[30].

تنبيه:

جاء في كلمات الشيخ الأنصاريO (ت1281هـ) بعدما نقل ذلك الحديث ببعض المناسبات، أنّ مما اشتهر في الألسن وارتكز في العقول: «أنّ الأجر على قدر المشقّة»[31]،  فادّعى الارتكاز وهو غير بيّن ولا مبيّن. نعم، في البين شيء آخر وهو فيما لو رافق الطاعة الصبر على النوائب والرضا بقضاء الله تعالى وما شاكل ذلك من المفاهيم، فإنّ زيادة الأجر لا تكون على العمل بل هناك أجر مستقلّ على الصبر والرضا، وقد روي عن أبي عبد اللهg قوله: (إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبرّ مظلّ عليه، ويتنحى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال: الصبر للصلاة والزكاة والبرّ: دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عنه فأنا دونه)[32].

وعلى كلّ، فمما ينبغي التنبيه عليه أنّ الأصل في طاعة الله تعالى إصابة السنّة بعيداً عن كلّ ما يقع من تكلّفات في الخارج، وقد روي عن عليّ بن الحسينg قوله: (إنّ أفضل الأعمال عند الله -عزّ وجلّ- ما عمل بالسنّة وإن قلّ)[33]، بل ورد عن رسول اللهe: (لا قول ولا عمل ولا نيّة إلّا بإصابة السنّة)[34]، وقد روي عن الإمام الصادقg قوله: (إنّي لأمقتُ الرجل يأتيني فيسألني عن عمل رسول اللهe فيقول: أزيد، كأنّه يرى أنّ رسول اللهe قصّر في شيء)[35]، الحديث.

ومن هنا نفهم ما ورد في معتبرة حنان بن سدير، قال: (كنتُ أنا وأبي وأبو حمزة الثّماليّ وعبد الرّحيم القصير وزياد الأحلام، فدخلنا على أبي جعفرٍg، فرأى زياداً قد تسلّخ جسده، فقال له: من أين أحرمت؟ قال: من الكوفة، قال: ولِمَ أحرمتَ من الكوفة؟ فقال: بلغني عن بعضكم أنّه قال: ما بعد من الإحرام فهو أعظم للأجر، فقال: ما بلّغك هذا إلّا كذّابٌ، ثمّ قال لأبي حمزة: من أين أحرمت؟ قال: من الرّبذة، فقال له: ولِم؟ لأنّك سمعت أنّ قبر أبي ذرٍّ بها فأحببتَ أن لا تجوزه، ثمّ قال لأبي ولعبد الرّحيم: من أين أحرمتما؟ فقالا: من العقيق، فقال: أصبتما الرّخصة واتّبعتما السّنّة، ولا يعرض لي بابان كلاهما حلالٌ إلّا أخذت باليسير، وذلك أنّ اللّه‏ يسيرٌ ويحبّ اليسير ويعطي على اليسير ما لا يُعطي على العنف)[36].

والمقصود من السنّة ما سنّه رسول اللهe، ويشمل أيضاً سنّة الأئمة من بعدهe إن ثبت أنّ لهم سنّة خاصّة، وإن كان الأفضل اتباع سنّة رسول اللهe كما يشهد له ما روي في معتبرة حنان بن سدير، عن أبيه قال: (دخلتُ أنا وأبي وجدّي وعمي حماماً بالمدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ[37]، فقال لنا: ممن القوم؟ فقلنا: من أهل العراق فقال: وأي العراق؟ قلنا: كوفيون، فقال: مرحباً بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار[38]، ثم قال: ما يمنعكم من الأُزر؛ فإنّ رسول اللهe قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام، قال: فبعثَ إلى أبي كرباسة[39] فشقّها بأربعة، ثم أخذ كلّ واحد منّا واحداً، ثم دخلنا فيها، فلَمَّا كنّا في البيت الحار صمد[40] لجدي ، فقال: يا كهل، ما يمنعك من الخضاب؟ فقال له جدي: أدركتُ من هو خير منّي ومنك لا يختضب، قال: فغضب لذلك حتى عرفنا غضبه في الحمام، قال: ومن ذلك الذي هو خير منّي؟ فقال: أدركت عليّ بن أبي طالبg وهو لا يختضب قال: فنكس رأسه وتصابّ عرقاً، فقال: صدقتَ وبررتَ، ثم قال: يا كهل إنْ تختضب فإنّ رسول اللهe قد خضب، وهو خير من عليّ وإن تترك فلك بعليٍّ سُنّة. قال: فلمّا خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل، فإذا هو عليّ بن الحسينh ومعه ابنه محمد بن عليّh)[41].

هذا آخر ما أردنا بيانه في هذه العجالة، والحمد لله ربّ العالمين.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الخلاف، ج2، ص337.

[2] التذكرة، ج8، ص171.

[3] مختلف الشيعة، ج4، ص246.

[4] مختلف الشيعة، ج4، ص262.

[5] منتهى المطلب، ج7، ص270 و271.

[6] الروضة البهية، ج2، ص170 و171.

[7] كنز العرفان، ج1، ص62.

[8] القواعد والفوائد، ج1، ص108، ولاحظ: تمهيد القواعد، ص361، ولاحظ: مرآة العقول، ج7، ص84.

[9] معارج الأصول، ص295.

[10] نهاية الوصول إلى علم الأصول، ج5، ص172.

[11] نهاية الوصول الى علم الأصول، ج5، ص180.

[12] كفاية الأصول، ص110.

[13] تسليك النفس الى حظيرة القدس، ص194.

[14] الأربعين في أصول الدين، ج2، ص178 _ 180.

[15] المسلك في أصول الدين، ص288.

[16] أنوار الأصول، ج1، ص259.

[17] تنقسم كتب الحديث ببعض الاعتبارات إلى كتب أصلية وأخرى فرعيّة، والمقصود من الكتب الأصلية تلك الكتب التي ينظر إليها بنفسها، لا بما هي ناقلة عن كتاب سابق كما في مثل كتاب المحاسن وبصائر الدرجات وتفسير القمي أو العياشي، والكافي، وكتب الصدوقين والشيخ المفيد والشيخ أبي جعفر الطوسي+، بخلاف الكتب الفرعيّة فإنـّها كتب جمعت تراث الماضين كما هو حال كتاب الوسائل والوافي وبحار الأنوار، ولذا عند النظر في الأخبار التي ينقلها الحر أو الفيض أو العلامة المجلسي+ لا بدّ من ملاحظة المصادر التي اعتمد عليها هؤلاء الأعلام في نقل الحديث.

[18] بحار الأنوار، ج79، ص228.

[19] مرآة العقول، ج7، ص105.

[20] روضة المتقين، ج2، ص40.

[21] كشف الخفاء، ج1، ص55.

[22] صحيح مسلم، ج4، ص32.

[23] الكافي، ج1، ص12 و13.

[24] وليس منها كتاب عيون الحكم والمواعظ (لليثي)، ص218، وقد ورد فيه: (ثواب العمل على قدر المشقة فيه).

[25] الكافي، ج8، ص129 و130، والأمالي (الطوسي)، ص692، وفي السند سعيد بن عمرو الجعفي ولم يرد فيه مدح أو ذم، وبسند آخر في الكافي، ج8، ص163، وفيه الحسن بن الصيقل الذي يمكن توثيقه عن طريق رواية الأجلاء عنه.

[26] الأمالي ( للصدوق)، ص281 و282.

[27] نهج البلاغة، ص511.

[28] منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، ج‏21، ص315.

[29] الكافي، ج1، ص333 و334، وسند هذا الحديث مبتلى بعليّ بن مرداس حيث لم يرد فيه مدح أو ذمّ في كتب الأصحاب، والذي يهون الخطب أنّ الصدوق قد روى هذا الحديث في كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص645 و646 عن عمّار الساباطي بسند آخر قابل للتصحيح، والوثوق على كلّ تقدير متحقق.

[30] الكافي، ج4، ص8.

[31] فرائد الأصول، ج2، ص464.

[32] الكافي، ج2، ص90.

[33] الكافي، ج1، ص70.

[34] الكافي، ج1، ص70.

[35] من لا يحضره الفقيه، ج1، ص479.

[36] تهذيب الأحكام، ج5، ص52.

[37] البيت الذي تنزع فيه الثياب.

[38] الشعار ما يلي الجسد من الثياب، والدثار ما فوق الشعار من الثياب، قال العلامة المجلسيO في مرآة العقول، ج22، ص398: (والغرض بيان غاية الاختصاص والمحرمية للأسرار).

[39] نوع من القماش، وهو فارسيّ معرّب.

[40] أي قصده.

[41] الكافي، ج6، ص498.

مشاركة: