قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ

"يا عليّ، أنت وصيّي وإمام أمّتي، من أطاعك أطاعني، ومن عصاك عصاني".

 تصحيح طريق الشيخ الطوسي (قدّس سرّه) إلى عليّ بن فضال

2021/06/28 

تصحيح طريق الشيخ الطوسي (قدّس سرّه) إلى عليّ بن فضال
الشيخ حسن فوزي فواز

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على خير خلقه محمد وآله الأطيبين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين

تمهيد

لا يخفى على متتبع أنّ طريقة الشيخ أبي جعفر الطوسيS في إثبات الأسانيد في التهذيب اعتمدت على الاختصار، فيبدأ في كثير من الأحيان بذكر اسم صاحب الكتاب الذي ينقل عنه الحديث، وإن لم يكن معاصراً له، ويُحيل في بيان طريقه إلى صاحب الكتاب إلى ما أثبته في المشيخة، سواء مشيخة نفس التهذيب التي ذكر فيها جملة من الأسانيد، أو ما جاء في الفهرست حيث التفصيل. 

قال الشيخ أبو جعفرO في مقدّمة مشيخته في ضمن كلامه عن بعض الأمور المرتبطة بكيفية طرح المسائل في الكتاب: (واقتصرنا من إيراد الخبر على الابتداء بذكر المصنّف الذي أخذنا الخبر من كتابه أو صاحب الأصل الذي أخذنا الحديث من أصله، واستوفينا غاية جهدنا ما يتعلق بأحاديث أصحابناQ المختلف فيه والمتفق).

إلى أن قال بعدما بيّن أنّ هذه المشيخة تكتب بعد الفراغ من الكتاب: (نحن نذكر الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هذه الأصول والمصنفات، ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار؛ لتخرج بذلك عن حدّ المراسيل، وتُلحق بباب المسندات)[1]، ثم أحال في آخر هذه المشيخة على ما جاء في كتابه الفهرست.

ثم إنّ أحد الرواة الذين يكثر ورودهم في كتاب التهذيب هو (عليّ بن الحسن بن فضال)، وأخباره في التهذيب لعلّها تتجاوز السبعمائة، وفي بعض الأحيان يصرح بسنده إليه كما يقع كثيراً في الأخبار التي رويت عن ابن فضال من طريق أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة، وفي موارد متعدّدة ـ تعدّ بالمئات ـ يشرع بالسند بذكر اسمه حصراً، مما يعني الإحالة على ما جاء في المشيخة. 

ثم إذا لاحظنا مشيخة التهذيب وجدناه يقول: (وما ذكرته في هذا الكتاب عن عليّ بن الحسن فضال، فقد أخبرني به أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، سماعاً منه وإجازة، عن عليّ بن محمد بن الزبير، عن عليّ بن الحسن بن فضال)[2].

وإذا راجعنا الفهرست وجدنا عين السند، حيث يقول الشيخ أبو جعفر الطوسيO في ترجمة عليّ بن الحسن بن فضّال: (أخبرنا بجميع كتابه قراءةً عليه أكثرها، والباقي إجازة: أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمد بن الزبير سماعاً وإجازةً عنه)[3].

ومن هنا، فينحصر القول بتصحيح السند ظاهراً على القول بوثاقة كلّ من ابن عبدون (م423هـ ق) وابن الزبير (م348هـ ق)، مع أنّ من لاحظ كتب الرجال التي عند الإماميّة لن يجد نصّاً صريحاً في توثيق أيّ منهما، فغاية ما قيل في حقّ ابن عبدون ما جاء كلمات النجاشي (م450هـ ق): (أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز، أبو عبد الله، شيخنا المعروف بابن عبدون. له كتب، منها: [كتاب] أخبار السيد بن محمد، كتاب تاريخ، كتاب تفسير خطبة فاطمة عليها السلام معرّبة، كتاب عمل الجمعة، كتاب الحديثين المختلفين، أخبرنا بسائرها، وكان قوياً في الأدب، قد قرأ كتب الأدب على شيوخ أهل الأدب، وكان قد لقي أبا الحسن علي بن محمد القرشي المعروف بابن الزبير، وكان علواً في الوقت)[4].

وقال الشيخ أبو جعفر الطوسيO: (أحمد بن عبدون، المعروف بابن الحاشر، يكنّى أبا عبد الله، كثير السماع‌ والرواية، سمعنا منه، وأجاز لنا بجميع جميع ما رواه، مات سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة)[5].

وأمّا عليّ بن محمد بن الزبير، فلم يعنون له غير الشيخ أبي جعفر الطوسي في رجاله الذي قال: (عليّ بن محمد بن الزبير القرشي الكوفي، روى عن عليّ بن الحسن بن فضّال جميع كتبه، وروى أكثر الأصول، روى عنه التلعكبري، وأخبرنا عنه أحمد بن عبدون، وما ببغداد سنة 348هـ ق، وقد ناهز مائة سنة، ودفن في مشهد أمير المؤمنينg) [6].

وكما ترى، فلم يرد في شيء من هذه العبائر ما يدلّ على توثيق أيّ من هذين الشيخين، ولتجاوز هذه المشكلة قد جاء في كلمات العلماء جملة من البيانات، مع الالتفات إلى أنّ الغالب في كلمات العلماء النظر إلى تصحيح السند من جهة ابن الزبير؛ باعتبار وجود بعض القواعد الكليّة المقبولة عند كثيرة من العلماء التي تصلح لتوثيق ابن عبدون:

منها: أنّه من مشايخ الشيخ النجاشي، وقد حقّق في علم الرجال صحة القول بوثاقة جميع مشايخ النجاشي[7].

ومنها: أنّه لو أنكرنا القاعدة المتقدّمة ككبرى كليّة، فلا ينبغي التشكيك في وثاقة خصوص من كان على شاكلة ابن عبدون الذي كان من أكثر العلماء اعتماداً من قبل الشيخين النجاشي والطوسيP، يعلم ذلك كلّ من راجع الفهرستين، بل كان ابن عبدون رجالياً ناقداً خبيراً، يعتدّ بقوله العلماء، ففي ترجمة داود بن كثير قال النجاشي: (داود بن كثير الرقي وأبوه كثير يكنى أبا خالد، وهو يكنى أبا سليمان. ضعيف جداً، والغلاة تروي عنه. قال أحمد بن عبد الواحد: قَلَّ ما رأيت له حديثاً سديداً)[8].

هذا مضافاً إلى إمكان تطبيق قاعدة المعاريف عليه، وأنّ الشيخ أبا جعفر الطوسي قد ترحم عليه في ترجمة عبد الله بن أحمد بن أبي زيد[9].

وكيف كان، سوف نركز البحث في هذه المقالة حول ابن الزبير، وننبّه ـ إن شاء الله تعالى ـ في ذيل كلّ طريق من الطرق الآتية على إمكانية تطبيق هذه الطريقة أو تلك، لتجاوز المشكلة بلحاظ ابن عبدون على تقدير وجودها، وتلك الطرق يمكن تصنيفها إلى أصنافٍ ثلاثة:

الأوّل: ما يذكر لبيان عدم الحاجة إلى توثيق عليّ بن محمد الزبيري. 

الثاني: محاولة توثيق الزبيري.

الثالث: تعويض السند الذي فيه الزبيري بسند آخر.   

الصنف الأوّل: عدم الحاجة إلى توثيق الزبيري

قد يُقال: بعدم الحاجة إلى وثاقة الزبيري، وإن انحصر سند الشيخ بهذا الطريق، وذلك بأحد تقريبين لو تمّا لتمّا بلحاظ ابن عبدون أيضاً:

1. عدم الحاجة إلى النظر في حال مشايخ الإجازة

التقريب الأوّل: أنّ الزبيري من مشايخ الإجازة، ومشايخ الإجازة لا حاجة إلى توثيقهم، بعد أن كان ذكرهم في الأسانيد من أجل التبرّك محضاً.

بيانه: أنّ شيخ الإجازة ـ وهو من يُستجاز في رواية كتاب لا مطلق من يُروى عنه خبر ـ لا حاجة للبحث عن حاله بعد أن كانوا مجرّد وسائط للكتب المشهورة، وإنّما كان العلماء يستجيزون لمحض التبرك.

قال التقي المجلسي: (كان شيخنا التستريJ يقول: إنّه [يعني الحسين بن حسن بن أبان] وأمثاله مثل محمد بن إسماعيل [يعني الراوي لكتب الفضل بن شاذان] الذي يوجد في أوائل سند الكافي، وأحمد بن محمد بن يحيى العطار الذي يروي الشيخ عنه بواسطة الحسين بن عبيد الله الغضائري، وأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد الذي يروي الشيخ عنه بواسطة المفيد، ومحمد بن علي ماجيلويه الذي يروي الصدوق عنه ممن عدّ العلامة خبره صحيحاً، وتحيّر في أمره المتأخرون، فالظاهر أنّ تصحيح هذه الأخبار لكونهم من مشايخ الإجازة، وكان المدار على الكتب فجهالتهم لا تضرّ. 

والذي كنّا نباحث معه [يعني نناقشه في هذا القول]: أنّه لو كان غرض العلامة[10] لكان ينبغي أن يساهل في جميعهم، مع أنّه ذكر في آخر الخلاصة طرق الشيخ إلى أصحاب الكتب وطرق المصنف إليهم وحكم بالضعف في كثير من الأخبار، ولم يكن له جواب.

لكن الذي ظهر لي من التتبع التامّ: أنّ مشايخ الإجازة على قسمين، فبعضهم كان لهم كتب مثل سهل بن زياد، وإذا كان أمثاله في السند أمكن أن يكون نقله في كتابه وأخذ الخبر من كتابه فلا يعتمد عليه، وأمّا من كان معلوماً أو مظنوناً أنّه لم يكن لهم كتاب وكان ذكرهم لمجرد اتصال السند فلم يبال بوجودهم مثل هؤلاء المذكورين، هذا الذي يظهر لنا من الاعتذار.

وأمّا الحقّ الذي نجزم به أنّ أصحاب الكتب مختلفون، فمثل كتاب الفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم، وأمثالهما فلا شكّ أنّه كان متواتراً عن مؤلفه وكان انتساب الكتاب إليهم مثل انتساب الكتب الأربعة إلى مؤلفيها فلا بأس أن يساهل فيه، وأمّا مثل إبراهيم بن ميمون الذي لم يذكره الأصحاب ولا كتابه فينبغي أن يلاحظ أحوالهم على قوانينهم... وأنت إذا تدبرت فيما ذكرناه وتمرنت لا يبقى لك شكّ على أنّ المشايخ الثلاثة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ سيما الصدوقين رفعوا هذه المشقة عنّا وحكموا بصحة جميع هذه الأخبار، والشيخO وإن لم يصرح بذلك، لكنّه ذكر في ديباجة الاستبصار أنّ هذه الأخبار المستودعة في هذه الكتب مجمع عليها في النقل، والظاهر أنّ مراده أنّهم أخذوها من الأصول الأربعمائة التي أجمع الأصحاب على صحتها وعلى العمل بها)[11].

وكما ترى، فهو مسلّم بأصل القول بعدم لزوم النظر إلى مشايخ الإجازة لكن بشرطين:

الأوّل: أن لا يكون للشيخ كتاب، بل نحرز أو نظنّ بأنّ الخبر قد أخذ عن كتاب ذلك الثقة.

الثاني: أن يكون الكتاب المأخوذ عنه مشهوراً متواتراً عن صاحبه، وتكون الاستجازة حينئذٍ لمحض التبرك ووَصِل السند.

وأمّا شيخه التستري فكان يرى عدم لزوم النظر مطلقاً، وقد تابعه على ذلك السيّد بحر العلوم (م1212هـ ق) الذي قال عند الحديث عن سهل بن زياد: (ثمّ اعلم، أنّ الرواية من جهته صحيحة، وإن قلنا بأنّه ليس بثقة؛ لكونه من مشايخ الإجازة؛ لوقوعه في طبقتهم، فلا يقدح في صحة السند كغيره من المشايخ الذين لم يوثقوا في كتب الرجال، وتعدّ أخبارهم مع ذلك صحيحة مثل محمد بن اسماعيل البندقي، وأحمد بن محمد بن يحيى العطار، وأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، وأحمد بن عبد الواحد [يعني ابن عبدوس]،‌ وابن أبي جيد، والحسين بن الحسن بن أبان، وأضرابهم لسهولة الخطب في أمر المشايخ، فإنّهم إنّما يذكرون في السند لمجرد الاتصال والتبرك، وإلّا فالرواية من الكتب والأصول المعلومة، حيث إنّها كانت في زمان المحمدين‌ الثلاثة ظاهرة معروفة كالكتب الأربعة في زماننا، وذكرهم المشايخ في أوائل السند كذكر المتأخرين الطريق إليهم مع تواتر الكتب وظهور انتسابها إلى مؤلفيها)[12].

ولنا على هذا البيان تعليقان:

أوّلاً: أنّه على تقدير تمامية مقدّماته، فلا بدّ من الأخذ بما قاله التقي المجلسيO، ومن لزوم إحراز تواتر الكتاب ـ ولا ينبغي الاكتفاء بالظنّ كما فعل هو لعدم الدليل على حجيّته ـ وكون الخبر المروي عنه موجوداً في ذلك الكتاب، وهو تامّ في المقام؛ باعتبار أنّ الشيخ أبا جعفر الطوسيO التزم بنقل الخبر من الكتاب الذي يبدأ باسمه في السند.

ثانياً: أنّ ما ذكر من كفاية الشهرة عن السند إلى الكتاب صحيحة في هذه الأزمان حيث النسخ مضبوطة، لكن في تلك الأيام حيث اختلفت النسخ والروايات فمجرّد شهرة الكتاب غير كافية، فإنّ الموجود عند الشيخ أبي جعفر الطوسي ـ مثلاً ـ نسخة من نسخ كتاب حريز لا كلّ النسخ، وما الدليل على حجية هذه النسخة إلاّ السند؟ وهل شهرة الكتاب في الجملة تصحح تفاصيل هذه النسخة؟ وما يدرينا ما هي المواضع المتوافقة بين النسخ وأين هي المواضع التي وقع فيها الخلاف؟

ولا ينبغي التشكيك في اختلاف النسخ في تلك الأزمان، بل ذكر ذلك في كلمات الرجاليين، فهذا النجاشي والطوسي يصفان محاسن البرقي بأنّه قد زيد عليه ونقص يعني بلحاظ النسخ[13]، وكتاب الجليل العلاء بن رزين المشهور بلا إشكال في تلك الأزمان له أربع نسخ[14].

ومن هنا تعلم ضعف ما يُقال من أنّ الأسانيد لمجرّد التبرّك، بل هي معتبرة لأجل إحراز تفاصيل النسخ، وقد تقدّم أنّ الشيخ أبا جعفر الطوسي في مشيخة التهذيب نصّ على أنّ الوجه في ذكر الأسانيد في المشيخة إخراجها عن حدّ المراسيل، قالO: (بعدما وفق الله تعالى للفراغ من هذا الكتاب نحن نذكر الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هذه الأصول والمصنفات ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل وتلحق بباب المسندات).

ولو كانت مشهورة بذلك المعنى بحيث لا يحتاج إلى السند إلاّ تبركاً كما في هذه الأزمان فما وجه الإرسال، وهل روايتنا الآن عن الكلينيO مباشرة تعدّ من المرسلات؟! 

قال بحر العلوم في بعض فوائده: (ويُضعَّف هذا القول [يعني قول التستري]: إطباق المحققين من أصحابنا والمحصّلين منهم على اعتبار الواسطة والاعتناء بها، وضبط المشيخة وتحقيق الحال فيها والبحث عما يصح وما لا يصح منها، وقدحهم في السند بالاشتمال على ضعيف او مجهول وقد أوردها العلامة) وابن داود في كتابيهما منوعة إلى أنواع الحديث: من الصحيح، والحسن، والموثق، والضعيف. مع بناء السند على هذا التنويع. ووافقهما على ذلك سائر علماء الرجال والحديث والاستدلال إلّا من شذّ.

 ومقتضى كلام الشيخين[15] في الكتب الثلاثة: أنّ الباعث على حذف الوسائط قصد الاختصار مع حصول الغرض بوضع المشيخة، لا عدم الحاجة اليها ـ كما قيل ـ وإلاّ لَمَا احتيج إلى الاعتذار عن الترك، بل كان الذكر هو المحتاج إلى العذر، فإنّه تكلف أمر مستغنى عنه على هذا التقدير‌.

وقد صرّح الشيخ في مشيخة التهذيب: بأنّ إيراد الطرق لإخراج‌ الأخبار بها عن حد المراسيل وإلحاقها بالمسندات، ونصّ فيها وفي مشيخة الاستبصار على أنّ الوسائط المذكورة طرق يتوصل بها إلى رواية الأصول والمصنفات.

وفي كلام الصدوق ما يشير إلى ذلك كلّه، فلا يستغنى عن الوسائط في أخبار تلك الكتب، ودعوى تواترها عند الشيخ والصدوق كتواتر كتبهما عندنا ممنوعة، بل غير مسموعة كما يشهد به تتبع الرجال والفهارست، والظنّ بتواترها ـ مع عدم ثبوته ـ لا يدخلها في المتواتر، فإنّه مشروط بالقطع، والقطع بتواتر البعض لا يجدي مع فقد التمييز، وكون الوسائط من شيوخ الإجازة فرع تواتر الكتب، ولم يثبت... على أنـّا لو سلمنا تواتر جميع الكتب، فذلك لا يقتضي القطع بجميع ما تضمنته من الأخبار فرداً فرداً، لِمَا يشاهد من اختلاف الكتب المتواترة في زيادة الأخبار ونقصانها واختلاف الروايات الموردة فيها بالزيادة والنقيصة والتغييرات الكثيرة في اللفظ والمعنى، فالحاجة إلى الواسطة ثابتة في خصوص الأخبار المنقولة بألفاظها المعيّنة وإن كان أصل الكتاب متواتراً. 

وأيضاً فالاحتياج إلى الطريق إنّما يرتفع لو عُلم أخذ الحديث من كتاب من صدّر الحديث باسمه. وهذا لا يفهم من كلام الصدوق رحمه الله فإنّه إنّما دلّ على أخذ الأحاديث من الكتب المشهورة التي عليها المعوّل وإليها المرجع، وهو غير الأخذ من‌ كتاب الراوي الذي بدأ بذكره كما ذكره الشيخ ومن الجائز أن يكون قد أخذ الحديث من كتاب من تأخر عنه ونسبه اليه، اعتماداً على نقله له من كتابه، ثمّ وضع المشيخة ليدخل الناقل في الطريق ويخرج عن عهدة النقل من الأصل، والاعتماد على الغير شائع معروف كثير الوقوع في نقل الأخبار والأقوال)[16].

2. عدم الحاجة إلى حال سند كتب بني فضال بالخصوص

التقريب الثاني: أنّ كتب بني فضال بالخصوص من الكتب المشهور شهرةً عظيمة، ومثلها لا يحتاج إلى سند، وقد نصّ على هذه الدعوى الشيخ الأنصاريO، الذي قال تعليقاً على بعض الأخبار: (وفي السند بعض بني فضال، والظاهر أنّ الرواية مأخوذة من كتبهم التي قال العسكري عليه السلام عند سؤاله عنها: (خذوا بما رووا وذروا ما رأوا)، ففيه دليل على اعتبار ما في كتبهم، فيستغنى بذلك‌ عن ملاحظة من قبلهم في السند، وقد ذكرنا: أنّ هذا الحديث أولى بالدلالة على عدم وجوب الفحص عمّا قبل هؤلاء من الإجماع الذي ادّعاه الكشّي على تصحيح ما يصحّ عن جماعة)[17].

ثم إنّ الرواية التي استشهد بها الشيخ الأنصاريO هي التي رواها الشيخ أبو جعفر الطوسي في الغيبة، ونصّها بحسب ما جاء هنا: (وأخبرني أبو محمّدٍ المحمّدي‏J، عن أبي الحسين محمّد بن الفضل بن تمّامO، قال: سمعت أبا جعفر بن محمّد بن أحمد [بن‏] الزّكوزكيّO، وقد ذَكَرنا كتاب التّكليف، وكان عندنا أنّه لا يكون إلّا مع غالٍ، وذلك أنّه أوّل ما كتبنا الحديث[18]، فسمعناه يقول: وأَيْش كان لابن أبي العزاقر في كتاب التّكليف، إنّما كان يصلح الباب ويدخله إلى الشّيخ أبي القاسم الحسين بن روح J فيعرضه عليه ويحكّكه (يحكه)‏ فإذا صحّ الباب خرج فنقله، وأمرنا بنسخةٍ، يعني أنّ الّذي أمرهم به الحسين بن روح J.

قال أبو جعفر: فكتبته في الإدراج بخطّي ببغداد.

قال ابن تمّام: فقلت له: تفضّل يا سيّدي فادفعه [إليّ‏] حتّى أكتبه من خطّك، فقال لي: قد خرج عن يدي.

فقال‏: ابن تمّام فخرجتُ وأخذتُ من غيره، فكتبتُ‏ بعدما سمعت هذه الحكاية. 

وقال أبو الحسين بن تمّام حدّثني عبد الله الكوفيّ خادم الشّيخ الحسين بن روح J قال: سئل الشّيخ يعني أبا القاسم J عن كتب ابن أبي العزاقر بعدما ذمّ وخرجت فيه اللّعنة، فقيل له: فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملاءٌ؟! فقال: أقول فيها ما قاله أبو محمّدٍ الحسن بن عليٍّg، وقد سئل عن‏ كتب بني فضّالٍ[19] فقالوا: كيف نعمل بكتبهم‏  وبيوتنا منها ملاءٌ؟! فقالg: خذوا بما رووا وذروا ما رأوا»[20].

وسند هذا الحديث معتبر على التحقيق، وإن استشكل السيّد الخوئيO في أوّل رجاله بالخادم الكوفي أعني عبد الله فإنّه مجهول[21]، وفي موضع آخر من الكتاب ناقش بأبي الحسين بدعوى جهالته أيضاً[22]، ولم يطعن بأبي محمد المحمدي في الموضعين.

والظاهر أنّ دعوى مجهولية أبي الحسين غير صحيحة، وإن تابعه على ذلك بعض من تأخّر عنه، ولا بأس بذكر حال سند هذا الحديث تفصيلاً، وهم ثلاثة: فقد روى الشيخ النصّ موضع الشاهد عن أبي محمد المحمدي، عن أبي الحسين بن تمام، عن عبد الله الكوفي خادم الحسين بن روح:

 1. أبو محمد المحمدي، الحسن بن أحمد بن القاسم بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن جعفر الثاني بن عبد الله بن جعفر بن محمد الحنفية بن عليّ بن أبي الطالب، المعروف بالشريف قيل أنّه توفي سنة 430هـ ق، كان سيّداً من سادات الشيعة، محدِّثاً راوياً للأخبار، وكان يخلف الشريف المرتضى على نقابة العلويين ببغداد، وله إليه بعض المسائل المثبتة في رسائل المرتضى[23]، وقد أكثر الشيخ الطوسيS من الترحم والترضي عليه عند ذكره، ومثله فعل النجاشي[24].

وقال النجاشي في ترجمته: (الحسن بن أحمد بن القاسم‌ بن محمد[25] بن علي بن أبي طالبg الشريف النقيب، أبو محمد، سيّد في هذه الطائفة، غير أنـّي رأيت بعض يغمز عليه في بعض رواياته. له كتب، منها: خصائص أمير المؤمنينg من القرآن، وكتاب في فضل العتق، وكتاب في طرق الحديث المروي في الصحابي. قرأتُ عليه فوائد كثيرة، وقرئ عليه وأنا أسمع. ومات)[26] انتهى ما هو مثبت في الرجال، وكأنّ في البين سقطاً.

وعلى كلّ، فغمز البعض فيه ليس بشيء، لا سيّما أنّه لم يمنع النجاشي من الرواية عنه خلافاً لغيره، ومن المحتمل أن يكون سبب الغمز الاتهام بالغلو؛ لروايته خصائص أمير المؤمنينg من القرآن.

2. أبو الحسين بن تمام، والمراد منه محمد بن عليّ بن الفضل بن تمام الكوفي الدهقان، قال أبو جعفر الطوسي: (يكنى أبا الحسين الحسن كثير الرواية، له كتب، منها، كتاب الفرج في الغيبة كبير حَسنٌ، أخبرنا برواياته وكتبه كلّها الشريف أبو محمد المحمدي عنه، وأخبرنا أيضاً جماعة عن التلعكبري عنه)[27].

ومثله في الرجال ونصّ عبارته: (محمد بن علي بن الفضل‌ بن تمام الدهقان الكوفي، يكنى أبا الحسين، روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة أربعين وثلاثمائة، وله منه إجازة، وأخبرنا عنه أبو محمد المحمدي)[28].

وعبارة الشيخ في الفهرست تفيد المدح القريب من التوثيق، وقد صرّح بوثاقته النجاشي في رجاله حيث قال: (محمد بن علي بن الفضل‌ بن تمام بن سكين بن بنداذ بن داذمهر بن فرخ زاذ بن مياذرماه بن شهريار الأصغر، وكان لقب بسكين بسبب إعظامهم له. وكان ثقة عيناً، صحيح الاعتقاد، جيّد التصنيف. له كتب، . . . أخبرنا بسائر رواياته وكتبه أبو العباس أحمد بن علي بن نوح. وقرأت كتاب الكوفة على أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله عنه)[29].

3. عبد الله الكوفي خادم الحسين بن روح، ولا دليل على توثيقه، وظاهر الشيخ الأنصاريO أنّ وصفه بخادم الوكيل مدح يلحق الخبر بالصحة، وهو صحيح فيما لو عرفنا خصوصية ذلك الزمان وحساسية أمر السفارة عن الإمامg في عصرهم[30]، فلا يكون خادم الناحية إلاّ من يوثق به. ولذا فالصحيح اعتبار السند.

ولو تنزلنا عن دعوى اعتبار السند، فالمسألة التي يُراد إثباتها من هذا الخبر ليست مسألة تعبّدية، بل هي عبارة عن أمر واقعي خارجيّ، وهي اشتهار كتب بني فضال في الطائفة، وهو أمر قريب بلحاظ اهتمام الطائفة بكتبه. 

وهذا الطريق طريق قويم، لا ينبغي الإشكال فيه، وقد عرفت أنّه يغني عن البحث في وثاقة كلّ من ابن عبدون والزبيري على حدّ واحد، بشرط إحراز كون الحديث مأخوذاً من نفس كتاب ابن فضال.

الصنف الثاني: توثيق ابن الزبير بنفسه

يمكن أن نذكر في المقام عدّة كبريات وكليات لاستفادة توثيق ابن الزبير، لكن سوف نقتصر في هذه المقالة على خصوص المهمّ منها، وهما طريقان أساسيان:

1. الاستفادة من كلمات علماء الرجال

كنّا قد ذكرنا عدم وجود ما يدلّ على وثاقة ابن الزبير في كتب الرجال، لكن الملفت للنظر أنّه قد ذكر في كتب العامّة بكثرة، وقد وثّق في كلماتهم، كقول ابن النديم (م385هـ ق): (عالم صحيح الخط، راوية جماعة للكتب، صادق في الحكاية، منقر، بحّاث، وله من الكتب، كتاب في معاني الشعر واختلاف العلماء في ذلك، رأيتُ منه شيئاً يسيراً)[31].

وقول الخطيب البغدادي (م463 هـ ق): (عليّ بن محمد بن الزبير، أبو الحسن القرشي، نزل بغداد، وحدّث بها عن إبراهيم بن أبي العنبس والحسن ومحمد ابني عليّ بن عفان، وإبراهيم بن عبد الله القصار، ومحمد بن الحسين الحنيني، وعليّ بن الحسن بن فضال. . . وكان ثقة. . . قال ابن أبي الفوارس: توفي يوم الخميس لعشر خلون من ذي القعدة، وحمل إلى الكوفة، ومولده سنة أربع وخمسين ومائتين)[32]، عن عمر ناهز الـ95 سنة، باعتبار أنّ سنة وفاته كانت في 348هـ ق)، وقد نصّ على سنة الوفاة هذه في كتب العامّة، وقد تقدّم نقلها من عبارة الشيخ أبي جعفر الطوسي في رجاله. 

وقد عبّر عنه الذهبي (م748هـ ق) بـ(الإمام الثقة المتقن)[33].

أقول: هذا الطريق لتوثيق الزبير غير كافٍ لوحده، وإن كان صالحاً كقرينة ناقصة عند من يقبل ـ كما هو مقتضى التحقيق ـ فكرة تجميع القرائن لاستفادة الوثوق.

ومن أبرز تلك القرائن التي يمكن إضافتها في المقام ما جاء في كلمات الشيخ النجاشي عند ترجمته لعليّ بن فضّال، حيث قال في أواخر الترجمة: (ورأيت جماعة من شيوخنا يذكرون الكتاب المنسوب إلى عليّ بن الحسن بن فضّال المعروف بـ(أصفياء أمير المؤمنينg) ويقولون إنّه موضوع عليه، لا أصل له، والله أعلم.

قالوا: وهذا الكتاب ألصق روايته إلى أبي العباس بن عقدة وابن الزبير، ولم نر أحداً ممن روى عن هذين الرجلين يقول قرأته على الشيخ، غير أنّه يضاف إلى كلّ رجل منهما بالإجازة حسب)[34]، فمضافاً إلى قرن ابن الزبير بمثل ابن عقدة المعروف بالوثاقة بين علماء الرجال، فإنّ ظاهر هذه العبارة أنّه لو ثبت أنّ هناك من قرأ الكتاب على ابن الزبير، فهذا دليل على عدم وضع الكتاب وصحة انتسابه إلى ابن فضال، وهل تقال مثل هذه العبارة إلاّ بحقّ الثقة؟! بل هي دالّة على معروفيته كمعروفية ابن عقدة، وأنّ هذا الرجل لا إشكال في وثاقته، وكونه المرجع المعتمد المعتبر لكتب ابن فضال، والكلام في نسبة تنسب إليه لا في شخصه.

نعم، لا يصحّ الاعتماد على ما جاء في ترجمة أحمد بن عبد الواحد المعروف بابن عبدون حيث قال عنه النجاشي: (وكان قد لقي أبا الحسن عليّ بن محمد القرشي المعروف بابن الزبير، وكان علواً في الوقت)[35]، لا باعتبار عدم دلالة كلمة: (علواً في الوقت) على الوثاقة، بل هي دالّة عليه؛ باعتبار أنّ الاهتمام بالسند العالي حيث تقلّ الوسائط كان غاية منى المحدّثين، ولا يثبت ذلك بكلّ طريق ولو كان منتحلاً وموضوعاً، بل لا بدّ لكي تتحقق الميزة من كونه سنداً معتبراً، بل من جهة أنّ هذه العبارة كما يقتضيه السياق ناظرة إلى نفس ابن عبدون، فإنّه أيضاً من المعمرين حيث توفي ـ كما تقدّم ـ في سنة 423هـ ق، وقد روى عمّن توفي في سنة 348هـ ق، فلو كان عمروه وقتها 25 عشرين سنة لكان عمره حين الوفاة 100 سنة، ولذا فالأقرب صحة الاعتماد على هذه العبارة لبيان وثاقة ابن عبدون لا ابن الزبير.

قال السيّد بحر العلومS: (والمرجع في الفعل الأخير [كان علواً في الوقت] كسابقيه [كان قوياً في الأدب، وكان لقي أبا الحسن عليّ بن محمد القرشي المعروف بابن الزبير] هو ابن عبدون صاحب الترجمة، ومعنى كونه علواً في الوقت: كونه أعلى مشايخ الوقت سنداً؛ لتقدّم طبقته، وإدراكه لابن الزبير الذي لم يدركه غيره من المشايخ)[36].

وممّا يرشدك إلى ذلك وأنّ هذا التعبير يدلّ على الوثاقة لا سيّما بلحاظ مشايخ الشيخ النجاشي، أنّ النجاشيS قد وصف بعضهم بأنّه علو في وقته ومع ذلك لم يرو عنه شيئاً، فقال في ترجمة إسحاق بن الحسن بن بكران أبو الحسين العقرائي: (كثير السماع، ضعيف في مذهبه، رأيته بالكوفة وهو مجاور، وكان يروي كتاب الكليني عنه وكان في هذا الوقت علواً فلم أسمع منه شيئاً)[37].

وينبغي أن يلتفت إلى أنّ التفريع بعدم السماع ليس من أجل كونه علواً؛ فإنّ هذه العبارة على جميع التقادير مدح في جهة ما، بل كأنّه يريد القول: إنّه مع كون سنده عالياً ـ باعتبار أنّ النجاشي المتوفى سنة 450هـ ق يمكن له من طريق هذا الرجل أن يروي عن الكليني المتوفى 329هـ ق بواسطة واحدة ـ فضعف مذهبه مانع من الرواية عنه. 

تنبيه:

ينقل عن حواشي رجال ابن داود للسيد الدامادO أنّه حمل هذا الوصف على الزبيري، وقال: (كان علوّاً في الوقت، أي كان غاية في الفضل، والعلم، والثقة، والجلالة، في وقته وأوانه)[38]، ولم يتضح لنا وجه الاستظهار، مع ما عرفت من الإشكال في حمل العبارة على كون المقصود هو ابن الزبير، فإنّ مقتضى السياق كونه في مقام ترجمة ابن عبدون.

والمتحصّل: إمكان استفادة وثاقة ابن عبدون من طريق هذا التوصيف لا سيّما بلحاظ مشايخ النجاشي، وإمكان توثيق ابن الزبير على أساس ما تقدّم.

2. أنّه من مشايخ الإجازة 

بيّنا في ضمن الصنف الأوّل من أصناف القواعد أنّ جملة من الأعلام لا ينظرون إلى مشايخ الإجازة بمعنى عدم حاجتهم إلى التوثيق، وأنّ هذا الكلام لو تمّ لتجاوزنا المشكلة بلحاظ ابني عبدوس والزبير معاً، وإن لم نقبل ذلك فيمكن تقريب دعوى دلالة شيخوخة الإجازة على الوثاقة من أحد طُرق:

الأوّل: وتشمل جميع مشايخ الإجازة، حيث يدّعى[39] أنّه ما كان العلماء وحملة الأخبار ـ لا سيّما الأجلاء ومن يتحاشى في الرواية عن غير الثقات فضلاً عن الاستجازة ـ ليطلبوا الإجازة في روايتها إلاّ من شيخ الطائفة وفقيهها ومحدّثها وثقتها، ومن يسكنون إليه ويعتمدون عليه.

فيستدلّ بالسيرة وبظاهر حال الأعلام، ولا شبهة فيه بالنسبة لأمثال من كان مثل الكليني والصدوق والمفيد وشيخ الطائفة، لكنّه لا يعطي كليةً كما لعلّه واضح.

الثانية: وهي مختصّة بمشايخ الإجازة المعروفين، حيث إنّ إقبال أكابر القوم على الأخذ عنهم مع عدم ورود ذمّ بحقهم من أيّ جهة كابن الزبير راوي كتب بني فضال حيث كان مقصداً للأعلام في زمنه، فإنّ عدم ورود ذمّ في حقّه مع اقبال أكابر القوم عليه أمارة الوثاقة. وهذه الدعوى صائبة يذعن لها كلّ من تصوّرها.

قال الشيخ حسن صاحب المعالم قدس سرّه كما في منتقى الجمان: (يروي المتقدّمون من علمائناLعن جماعة من مشايخهم الذين يظهر من حالهم الاعتناء بشأنهم، وليس لهم ذكر في كتب الرجال، والبناء على الظاهر يقتضي إدخالهم في قسم المجهولين، ويشكل بأنّ قرائن الأحوال شاهدة ببُعد اتخاذ أولئك الأجلاء الرجل الضعيف أو المجهول شيخاً يكثرون الرواية عنه ويظهرون الاعتناء به، ورأيتُ لوالديO كلاماً في شأن مشايخ الصدوق قريباً ممّا قلنا.

وربّما يتوهم أنّ في عدم التعرض لذكرهم في كتب الرجال إشعاراً بعدم الاعتماد عليهم، وليس بشي‌ء؛ فإنّ الأسباب في مثله كثيرة، وأظهرها: أنّه لا تصنيف لهم، وأكثر الكتب المصنفة في الرجال لمتقدّمي الأصحاب اقتصروا فيها علىٰ ذكر المصنفين وبيان الطرق إلى رواية كتبهم.

هذا ومن الشواهد على ما قلناه، أنـّك تراهم في كتب الرجال يذكرون‌ عن جمع من الأعيان، أنّهم كانوا يروون عن الضعفاء، وذلك على سبيل الإنكار عليهم [وإن كانوا] لا يعدّونه طعناً فيهم، فلو لم تكن الرواية عن الضعفاء من خصوصيات من ذكرت عنه، لم يكن للإنكار وجه، ولولا وقوع الرواية عن بعض الأجلاء، عمّن هو مشهور بالضعف، لكان الاعتبار يقتضي عدّ رواية من هو مشهور معروف بالثقة والفضل وجلالة القدر، عمّن هو مجهول الحال ظاهراً من جملة القرائن القوية على انتفاء الفسق عنه»[40].

ويمكن تقريب هذه الدعوى من جهة تطبيق قاعدة المعاريف التي كثر الاستناد إليها في كلمات الشيخ التبريزيS (م1427هـ ق)، فالتزم بـ(وثاقة المعاريف الذين لم يضعفهم أحد)، وفي بعض عبائره اشتراط عدم تضعيفهم ولو بطريق ضعيف[41].

ولا يخفى أنّ ابن الزبير هو القدر المتيقن من المعاريف لا على مستوى الخاصّة، بل هو معروف بين العامّة أيضاً، وكان مقصوداً لرواية كتب ابن فضّال ـ وهي كتب معروفة معتبرة ـ وعدم ورود أيّ تضعيف بحقّه من أمارات الاعتداد بشأنه، وإلاّ لصدر التنبيه على ضعفه ووضعه وتدليسه، فلا يأخذ كتبه مثل التلعكبري.

وقس عليه حال ابن عبدون بالنسبة لعلماء الخاصّة.

الصنف الثالث: تعويض السند

الصنف الثالث عبارة عن تعويض السند بسند آخر لنفس الشيخ أبي جعفر الطوسي أو للشيخ النجاشي، فهنا تقريبان:

1. دعوى أنّ طريق الشيخ أبي جعفر لا ينحصر بهذا السند

قد يقال: إنّ الشيخ أبا جعفر الطوسيS وإن لم يذكر في المشيخة والفهرست في سنده إلى كتب ابن فضال إلاّ طريقاً واحداً يمرّ بالزبيري، إلاّ أنّه يظهر من أوائل التهذيب أنّ له طريقاً آخر إلى تلك الكتب، وهو الطريق المارّ من طريق ابن عقدة الذي هو أحد رواة كتب بني فضال المعروفين، وهو سند معتبر بلا إشكال، وهذا الطريق على تقدير تماميته يصلح لتجاوز الإشكال بلحاظ كلّ ابن عبدون والزبيري.

وبيانه: أنّ الشيخ أبا جعفر الطوسيS في بداية كتابته للتهذيب كان من نيّته ذكر السند إلى صاحب الكتاب ومنه إلى الإمامg تفصيلاً على طريقة الكلينيS في الكافي، ثم عدل عن هذه الطريقة أثناء الكتاب اختصاراً، فصار يشرع بصاحب الكتاب، على أنّ يذكر سنده إليه في المشيخة.

ثم إنـّنا لو لاحظنا بداية التهذيب عندما كان يذكر الشيخ أبو جعفر السند كاملاً، فسوف نجده يذكر سندين لعليّ بن فضال، فقال: (أخبرني به جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى [يعني التلعكبري] عن أحمد بن محمد بن سعيد [يعني ابن عقدة] عن عليّ بن الحسن، وأحمد بن عبدون عن عليّ بن محمد بن الزبير عن عليّ بن الحسن)[42].

والظاهر أنّ هذا السند المزدوج ليس سنداً إلى خصوص تلك الروايات، بل هو سند إلى الكتاب الذي أخذها منه، وهو كتاب عليّ بن الحسن بن فضال.

ومما يشهد على ذلك أنّه قد أورد بعض الأحاديث في التهذيب بالسند المزدوج المذكور، ولكنّه أوردها في الاستبصار مبتدءاً باسم عليّ بن الحسن بن فضال، مع التزامه فيه أيضاً بأن لا يبتدأ إلاّ باسم من أخذ الحديث من كتابه أو من أصله، فيُعرف من هذا أنّه لَمَّا ألّف الاستبصار ـ وهو في أحاديثه قطعة من التهذيب ـ كان على ذُكر بأنّه أخذ هذه الأحاديث من كتاب ابن فضال، فابتدأ باسمه، ولم يذكر السند من أوّله إلى آخره.

هذا، ويمكن أن يستشكل في هذه الدعوى بجملة من الأمور:

الأمر الأوّل: أنّها محض دعوى لم يقم عليها شاهد، ومجرّد وقوع الاختصار في سند الاستبصار ـ المبني على الاختصار ـ لا يعني أنّ له طريقاً إلى تمام كتب ابن فضال من طريق ابن عقدة، وإلاّ فكتب عليّ بن فضال متعدّدة، ولا تنحصر بكتاب واحد.

إن قلت: قد تقدّم أنّ ابن عقدة أحد رواة كتب ابن فضال المعتمدين في تمييز ما يصح نسبته إليه وما لا يصح، والتلعكبري ممن روى جميع أصول أصحابنا ومصنفاتهم[43]، فلا بدّ أنّه قد روى جميع كتب بني فضال. 

قلت: هذه مجرّد استبعاد قد يقرّب الفكرة، لكنّه بحاجة إلى قرينة واضحة لكي يصح الاستناد إليها، وإلاّ فما المانع أنّ يكون التلعكبري قد روى بعض مصنفات ابن فضال من طريق ابن عقدة، وبعضها الآخر من طريق آخر، وما المانع أن يكون الشيخ أبو جعفر الطوسيS لم ينقل جميع ما رواه التلعكبري.

الأمر الثاني: أنّ في البين بعض الشواهد التي تدلّ على خلاف ما ادّعي؛ إذ قد قال الشيخ أبو جعفر الطوسيS في ذيل أوّل حديث نقله بالطريق المزدوج: (وأخبرني أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمد بن الزبير، عن عليّ بن الحسن)، ولو كان له من طريق ابن عقدة طريقاً إلى كلّ الكتب، لكان الأقرب في الأسانيد أن يُقال: (وبالإسناد المتقدّم أو بهذا الإسناد) كما هي طريقة الإشارة التي يستعملها نفس الشيخ أبي جعفر في كتاب التهذيب بلحاظ نفس هذا السند المزدوج[44]، وإن لم يرد الإشارة، فلا أقلّ من أن يتعب نفسه مرّة أخرى بذكر السند كاملاً، ومثله في موارد لاحقة حيث استفصل في السند، ولم يذكر طريقه المار بابن عقدة[45].

ودعوى كون ذلك ضرباً من ضروب التفنن في التعبير، ولا ينبئ عن وجود فرق حقيقي بين ما رواه بسند واحد وما رواه بسندين، كان يمكن تعقّله لولا مجيء السند المختصر في ذيل السند المزدوج، وعلى أنّ القول بالتفنن في أسانيد العلماء في كتبهم العلمية يحتاج إلى قرينة.

ومما يُلفت النظر أنّ الشيخ أبا جعفر في موضع لاحق في التهذيب ابتدأ باسم عليّ بن الحسن يعني ابن فضال على طريقة الاختصار[46]، ثم ما لبس أن ذكر السند الأوّل المفصّل المارّ من طريق ابن عقدة والزبيري[47].

الأمر الثالث: أنّ عدم ذكر سند من طريق التلعكبري في مشيخة التهذيب وإن كان مبرراً، حيث نصّ على قصد الاختصار مع كون سند ابن عبدون أقصر وأعلى، إلاّ أنّه نصّ على قصده التفصيل في الفهرست، فقال في آخر المشيخة: (قد أوردت جملاً من الطرق إلى المصنفات والأصول، ولتفصيل ذلك شرح يطول، هو مذكور في الفهارس المصنفة في هذا الباب للشيوخQ، من أراده أخذه هناك إن شاء الله، وقد ذكرنا نحن مستوفى في كتاب فهرست الشيعة)، وقد عرفت أنّه في الفهرست لم يذكر إلاّ ذلك السند. 

ودعوى وقوع السهو من قبلهSأو كون ذلك غالبي، وإن كان ممكناً، لكنّه لا يمنع أصل كون هذا الإشكال قرينة مبعّدة لدعوى وجود طريقين للشيخ إلى عليّ بن الحسن بن فضال.

2. تعويض سند الشيخ الطوسيّ بسند النجاشي

أصل فكرة إمكان تعويض سند الشيخ أبي جعفر بسند الشيخ النجاشي ذكرت في كلمات السيّد بحر العلومO، وإذا أردنا تطبيقها على ما نحن فيه يقال: إنّ للشيخ النجاشي ـ زميل الشيخ أبي جعفر الطوسي في الدراسة والأخذ عن المشايخ ـ سنداً معتبراً لكتب هذا الرجل، فيمكن الاستعاضة عن طريق الشيخ الطوسي بالطريق المذكور في فهرست النجاشي.

قال السيّد بحر العلومS: (وقد يُعلم ذلك [يعني طريق الشيخ الطوسي إلى بعض الكتب] من كتاب النجاشي، فإنّه كان معاصراً للشيخ، مشاركاً له في أكثر المشايخ كالمفيد والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون وغيرهم. فإذا علم روايته للأصل أو الكتاب بتوسّط أحدهم، كان ذلك طريقاً للشيخ)[48].

وهذا الطريق بهذه العبارة قد يصطدم بعقبة، وحاصلها: أنّه من أين لنا أن نعلم اتحاد النسخة التي استجازها النجاشيS مع نسخة الشيخ أبي جعفر الطوسيS؟ بل لعلّ طريق النجاشي كان أصحّ وأضبط، وكان في طريق الشيخ خلل ما، ولا رافع لهذا الاحتمال إلاّ ما ذكرناه من لزوم احراز اتحاد النسخة.

ولأجل التجاوز عن هذه المشكلة جاء في كلمات الأعلام بيانان:

البيان الأوّل: ما جاء في كلمات السيّد الخوئيS مكرراً، فقال في معجمه: (لو فرضنا أنّ طريق الشيخ إلى كتاب ضعيف في المشيخة والفهرست، ولكن طريق النجاشي إلى ذلك الكتاب صحيح، وشيخهما واحد، حُكم بصحة رواية الشيخ عن ذلك الكتاب أيضاً؛ إذ لا يحتمل أن يكون ما أخبره شخص واحد كالحسين بن عبيد الله بن الغضائري ـ مثلاً ـ للنجاشي مغايراً لِمَا أخبر به الشيخ، فإذا كان ما أخبرهما به واحداً وكان طريق النجاشي إليه صحيحاً حكم بصحة ما رواه الشيخ عن ذلك الكتاب لا محالة ويستكشف من تغاير الطريق أنّ الكتاب الواحد روي بطريقين، قد ذكر الشيخ أحدهما، وذكر النجاشي الآخر)[49].

وكما ترى، فقد أحرز وحدة النسخة بوحدة شيخ الإجازة الذي يروي عنه الشيخ أبو جعفر الطوسي والنجاشي.

وطبّق هذا الكلام في أبحاثه الفقهية فقال: (فإنّها [يعني رواية الشيخ الطوسي] وإن كانت مرويّة بطريق الشيخ إلى عليّ بن الحسن بن فضّال الذي هو ضعيف؛ لاشتماله على علي بن محمد بن الزبير القرشي، إلاّ أنـّنا صحّحنا هذا الطريق أخيراً، نظراً إلى أنّ الشيخ الطوسي يروي كتاب ابن فضّال عن شيخه عبد الواحد أحمد بن عبدون، وهذا شيخ له وللنجاشي معاً، وطريق النجاشي إلى الكتاب الذي هو بواسطة هذا الشيخ نفسه صحيح.

ولا يحتمل أنّ الكتاب الذي أعطاه للنجاشي غير الكتاب الذي أعطاه للطوسي، فإذا كان الشيخ واحداً والكتاب أيضاً واحداً وكان أحد الطريقين صحيحاً فلا جرم كان الطريق الآخر أيضاً صحيحاً بحسب النتيجة، غايته أنّ لعبد الواحد طرقاً إلى الكتاب نقل بعضها إلى الشيخ والبعض الآخر إلى النجاشي، وكان بعضها صحيحاً دون الآخر. وقد صرّح النجاشي[50] أنّه لم يذكر جميع طرقه)[51].

وما ذكره من ناحية كبروية قابل للقبول، لكن النقاش معه صغروي؛ باعتبار أنّ المثال الذي ذكره في المقام ـ ولم يذكر غيره في تمام الفقه ـ غير صحيح، فإنّ طريق النجاشي إلى عليّ بن الحسن بن فضال المار من طريق ابن عبد الواحد هو عين طريق الشيخ أبي جعفر الطوسي، وأمّا طريق النجاشي الآخر الصحيح فلا يمر من طريق ابن عبدون، بل من جهة محمد بن جعفر عن ابن عقدة.

قال النجاشي في رجاله: (قرأ أحمد بن الحسين [يعني ابن الغضائري] كتاب الصلاة، والزكاة، ومناسك الحج، والصيام، والطلاق، والنكاح، والزهد، والجنائز، والمواعظ، والوصايا، والفرائض، والمتعة، والرجال على أحمد بن عبد الواحد في مدة سمعتها معه، وقرأت أنا كتاب الصيام عليه في مشهد العتيقة عن ابن الزبير عن علي بن الحسن، وأخبرنا بسائر كتب ابن فضال بهذا الطريق. وأخبرنا محمد بن جعفر في آخرين عن أحمد بن محمد بن سعيد عن علي بن الحسن بكتبه)[52].

البيان الثاني: ما جاء في كلمات الشهيد الصدرS وهو في مقام تصحيح نفس روايات الشيخ عن ابن فضال، فقال: (الوجه الثالث: عبارةٌ عن تعويض سند الشيخ ـ مثلاً ـ إلى صاحب كتاب في رواية ينقلها عن ذاك الكتاب. . .  فلو فرضنا أنّ‏ الشيخ‏ ـ مثلاً ـ روى عن عليّ بن الحسن بن فضّال حديثاً، وكان في سند الشيخ إليه ضعف، وللنجاشي سند تامّ إليه فبالإمكان تعويض سند الشيخ بسند النجاشي، بشرط أن يكون الشخص الّذي وقع بعد الشيخ مباشرة ثقة، ونفترض أنّ للنجاشي مثلاً، الّذي هو ثقة يوجد ـ من حُسن الصدفة ـ طريقان إلى عليّ بن الحسن بن فضّال، أحدهما نفس طريق الشيخ المشتمل على الضعف، والآخر طريق صحيح، ونفترض أنّ النجاشي لم يكتفِ بقوله بنحو الإجمال: أخبرنا بجميع كتبه فلان عن فلان، بل صرّح باسم الكتب، وكذلك الشيخ، ورأينا أنّ الكتب التي سمّاها الشيخ قدس سره قد سمّاها أيضاً النجاشي، فعندئذٍ نبدّل سند الشيخ الّذي فيه ضعف بسند النجاشي الصحيح. 

والوجه في هذا الاستبدال هو: أنّ ظاهر كلام النجاشي الّذي ذكر طريقين إلى كتب علي بن الحسن بن فضّال، أنّ تلك الكتب نقلت له بالطريق الصحيح بنفس النسخة التي نقلت له بالطريق الضعيف، ولا يحتمل عقلائيّاً أنّ النسخة التي نقلت له بالطريق الضعيف تختلف عن النسخة التي وصلت إلى الشيخ بنفس ذلك الطريق)[53]، يعني وإلاّ لنبّه النجاشي على وقوع الخلاف بين النسخ، وما ذكره قريب كبروياً لا سيّما مع تعاملهم مع كتب مشهورة بين الطائفة.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، ط4، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1407هـ ق، ج10، ص382. 

[2] م ن، ص385. 

[3] الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست، ط 1، المكتبة الرضوية، النجف الأشرف، ص93. 

[4] النجاشي، أبو الحسن أحمد بن علي، رجال النجاشي _ فهرست أسماء مصنفي الشيعة، مؤسسة النشر التابعة لجماعة المدرسين، قم المشرّفة، 1407 هـ ق، ص87.

[5] الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الشيخ، ط 3، مؤسسة النشر التابعة لجماعة المدرسين، قم المشرّفة، 1427 هـ ق، ص413 و414. 

[6] م ن، ص430 و431. 

[7] ينظر: فوّاز، حسن، أطيب المقال في بيان كليات علم الرجال، ط 1، حوزة الأطهار عليهم السلام التخصصية، قم المشرّفة، 1439هـ ق، ص123.

[8] رجال النجاشي، مصدر سابق، ص156.

[9] الفهرست، مصدر سابق، ص103. 

[10] أي لو كان ذلك هو الذي دعا العلامةS إلى تصحيح أخبارهم لَمَا استشكل في أخبار غيرهم.

[11] المجلسي، محمد تقي، روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه، المؤسسة الفكرية الإسلامية كوشانبور، ط 2، قم المشرّفة، 1406 هـ ق، ج14، ص39 و40.

[12] بحر العلوم، السيد مهدي، الفوائد الرجالية، ط 1، ‌مكتبة الصادق، طهران، 1405هـ ق)، ج3، ص25 وما بعدها.

[13] ينظر: رجال الشيخ النجاشي، مصدر سابق، ص76، وفهرست الشيخ الطوسي، مصدر سابق، ص20.

[14] الفهرست للشيخ الطوسي، ص112.

[15] يعني الصدوق والطوسي في الفقيه والتهذيب والاستبصار.

[16] الفوائد الرجالية، مصدر سابق، ج4، ص77. ونحن وإن كنّا نسبنا إلى هذا السيّد الجليل كونه من القائلين بهذا القول الذي نريد ردّه، لكن الاستشهاد ببعض كلماته لِمَا فيها من الدقائق، وإلاّ فهو من المصرين أنّ من ينقل عنه الخبر على قسمين: مشايخ إجازة وهم من يستجازون في الرواية لمجرّد التبرك واتصال السند، ونقاشه هنا في الثاني.

[17] الأنصاري، الشيخ مرتضى بن محمد أمين‌، كتاب المكاسب، ط 1، مؤسسة إحياء تراث الشيخ الأعظم، قم المشرّفة، 1415هـ ق)، ج4، ص366.

[18] كأنّه إشارة إلى قلّة خبرتهم في ذلك الوقت بالحديث.

[19] قد يكون سبب السؤال عن كتب بني فضال في زمن العسكري الثانيgحصول شيء بينهم وبين الإمامية، فإنّ المتفق عليه بيننا أنّ الأئمة اثنا عشر، فيجب على قولهم أنّ يكون الأخير هو أبو محمد العسكريg، فقد يكون خرج بحقهم شيء في ذلك الزمان. والله العالم. 

[20] الطوسي، محمد بن الحسن، الغيبة كتاب الغيبة للحجة عليه السلام، ط 1، دار المعارف الإسلامية، قم‏ المشرّفة، 1411 هـ ق، ص389.

[21] الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج1، ص68: (لكن هذه الرواية ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها، فإنّ عبد الله الكوفي مجهول). 

[22] معجم رجال الحديث، مصدر سابق، ج12، ص361 حيث قال: (الرواية ضعيفة لجهالة أبي الحسين وعبد الله الكوفي، فمن الغريب ما صدر من شيخنا الأنصاريS في أوّل كتاب الصلاة من إرساله الحديث إرسال المسلمات).

[23] المرتضى، عليّ بن الحسين الموسوي، رسائل الشريف المرتضى، ط 1، دار القرآن الكريم، قم المشرّفة، 1405هـ ق، ج3، ص117.

[24] رجال النجاشي، مصدر سابق، ص266.

[25] في النسبة نحو اختصار كما لا يخفى، ولاحظ: معجم رجال الحديث، مصدر سابق، ج5، ص270.

[26] رجال النجاشي، مصدر سابق، ص65.

[27] الفهرست، مصدر سابق، ص159.

[28] رجال الشيخ، مصدر سابق، ص443.

[29] رجال النجاشي، مصدر سابق، ص385.

[30] ولك أن تستأنس لذلك بما روي في الغيبة (للشيخ الطوسي)، مصدر سابق، ص385 و386 عن أبي الحسين الحسن بن كبريا النوبختي قال: (بلغ الشّيخ أبا القاسمJ [يعني الحسين بن روح] أنّ بوّاباً كان له على الباب الأوّل قد لعن معاوية وشتمه، فأمر بطرده وصرفه عن خدمته، فبقي مدّةً طويلةً يُسأل في أمره، فلا والله ما ردّه إلى خدمته، وأخذه بعض الأهل فشغله معه، كلّ ذلك للتّقيّة).

[31] البغدادي، ابن النديم، فهرست ابن النديم، ص87.

[32] البغدادي، تاريخ بغداد، ط 1، دار الكتب العلمية، 1417هـ ق، بيروت، ج12، ص80.

[33] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ط 9، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1413هـ ق، ج15، ص567.

[34] رجال النجاشي، مصدر سابق، ص258.

[35] رجال النجاشي، مصدر سابق، ص87.

[36] الفوائد الرجالية، مصدر سابق، ج2، ص12.

[37] رجال النجاشي، مصدر سابق، ص74.

[38] الحائري، محمد بن إسماعيل، منتهى المقال في أحوال الرجال، ط 1، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، قم المشرّفة، 1416هـ ق، ج5، ص56.

[39] ينظر: النوري، الميرزا حسين، خاتمة المستدرك، ط 1، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، قم المشرّفة، 1417هـ ق)، ج3، ص513.

[40] العاملي، حسن بن زين الدين، منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان، ط 1، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين قم المشرّفة، 1362هـ ش، ج1، ص39 و40.

[41] وقد قرّبنا هذه الفكرة مع نقل جملة من كلماتهS في أطيب المقال في بيان كليات علم الرجال، مصدر سابق، ص270.

[42] التهذيب، مصدر سابق، ج1، ص26 و27.

[43] ينظر: رجال الشيخ، مصدر سابق، ص449.

[44] ينظر: التهذيب، مصدر سابق، ج1، ص153 و154.

[45] ينظر: التهذيب، مصدر سابق، ج1، ص106.

[46] التهذيب، مصدر سابق، ج1، ص127.

[47] التهذيب، مصدر سابق، ج1، ص129.

[48] الفوائد الرجالية، مصدر سابق، ج4، ص75.

[49] معجم رجال الحديث، مصدر سابق، ج1، ص78.

[50] يعني في أوّل رجاله.

[51] البروجردي، مرتضى، المستند المطبوع ضمن الموسوعة _تقريرات بحث السيّد الخوئي، ط 1، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، قم المشرّفة، 1418هـ ق، ج21، ص479.

[52] رجال النجاشي، مصدر سابق، ص258 و259.                   

[53] الحائري، كاظم، مباحث الأصول القسم الثاني _ تقريرات بحث الشهيد الصدر، ط1، قم المشرّفة، 1408 هـ ق، ج3، ص245.

مشاركة: